الصحافة الثقافية المحلية على طاولة التشريح والنقد

الصحافة الثقافية المحلية على طاولة التشريح والنقد

* السريع: الموضوعات السياسية ومقالات الرأي طغت على الأدب
* الشطي: عدم مهنية الصحافة المحلية أدى إلى تراجع الاهتمام بالثقافة
* الوقيان: مساهمة مؤسسات المجتمع المدني مطلوبة لتلافي تقصير الصحافة
* الأنصاري : خطة ستراتيجية كويتية للارتقاء بالثقافة في الصحف المحلية

نظمت رابطة الأدباء في ديوانيتها مساء اول من امس ندوة حضرها عدد من أعضاء الرابطة، عن الصفحات الثقافية في الصحافة المحلية ودورها السلبي وإلإيجابي في إبراز الأعمال الأدبية والثقافية بمختلف صورها الفنية والتشكيلية والمسرحية والموسيقية وغيرها.
أدار الندوة الدكتور سليمان الشطي وشارك الحضور في المناقشة وإبداء الرأي حول الدور الثقافي الذي تؤديه هذه الصفحات في خدمة الأديب والقارئ الكويتي حاليا، وما ينبغي ان تؤديه مستقبلا لتضاهي الدور المستنير الذي تمارسه الصحافة المحلية، كما حضر مدير جامعة الكويت الدكتور حسين الأنصاري.
قال الدكتور سليمان الشطي في بداية الندوة: “ان سياسة معظم مديري التحرير في الصحف التي تعتبر أن نشر الأخبار الثقافية والتغطيات الخاصة بها تأتي في المرتبة الثامنة من حيث تسلسل أهمية الموضوعات المطروحة في الجريدة”.
وأضاف: “أن بعض مديري التحرير يهتمون بالدرجة الأولى بالتأكد من نشر جميع الأخبار السياسية، ثم الأخبار الرياضية في صحيفتهم، أما اختفاء الصفحة الثقافية بأكملها من أي عدد بسبب الإعلان، أو لأي سبب آخر فهو أمر لا يقلقهم على الإطلاق”.
وأوضح “أن الخلل يكمن في عدم مهنية الصحافة المحلية، وتحولها إلى مسابقة في الربح المادي بين ملاك الصحف إلى جانب انتشار الشللية التي تتحيز لجانب دون الآخرين”.
وناشد المتخصصين الإعلاميين” ضرورة التزام الصحافة الكويتية المهنية كما هي الصحافة المتطورة عالميا، حتى ترصد الإصدارات الجديدة، ويتم تقييمها باتباع أحدث الأساليب الأدبية”.
الدكتور الشاعر خليفة الوقيان اكد”أن تضاؤل الاهتمام بالصفحات الثقافية في الصحافة الكويتية تدريجيا منذ نشأتها حتى اليوم يعود إلى كثافة الصراع بين التيارات السياسية والفكرية في الكويت”.
وأشار إلى” أهمية دور الرواد التنويريين عبدالعزيز الرشيد وعبدالعزيز حسين ويعقوب الرشيد وداوود مساعد الصالح في رعاية المثقف الكويتي، وإتاحة الفرصة له لطرح أفكاره من خلال المجلات والصحف، واختفاء ذلك بعد رحيلهم”.
وقال:” ان رابطة الأدباء، في الثمانينات من القرن الماضي، دعت مديري التحرير في الصحف المحلية لحضور الندوة التي تقيمها لمناقشة دور الصحافة في دعم الثقافة في الكويت، ورغم النقد الشديد الذي وجه لملاك الصحف في تلك الندوة لغياب دورهم التنويري في نشر ورعاية الثقافة في الكويت، إلى جانب المآخذ التي وجهت للكاتب والمثقف الكويتي بسبب حساسيته المفرطة تجاه النقد الذي يوجه لكتاباته حتى وإن كان أدبيا بناء، فإن الاهتمام بالثقافة في الثمانينيات كان أفضل بكثير مما هو عليه اليوم”.
الأديب عبدالعزيز السريع أكد “أن المجلات الأدبية التي ظهرت في بدايات القرن الماضي، ومنها مجلة “الكويت” عام 1928 للأديب المفكر عبدالعزيز الرشيد، ومجلة “كاظمة” لعبدالحميد الصانع 1948، ومجلة “البعثة” عام 1946 احتفت بالثقافة والآداب، وأفسحت لها مساحة كبيرة، شعرا وقصة وغيرذلك من الفنون الأدبية”.
وأضاف: “أن الدور الثقافي الأدبي بدأ بالتقلص تدريجيا باختفاء هذه المجلات وظهور مجلات جديدة، هي “أضواء المدينة” و”الهدف” وغيرها، ثم مع ظهور الصفحات الثقافية في الصحف اليومية”، لافتا إلى” تغلب الموضوعات السياسية ومقالات الرأي وغيرها من المواد الاخبارية على المواد الأدبية التي شحت كثيرا”.
الدكتور حسين الأنصاري شدد “على تنافس وسائل التواصل الاجتماعي والفضائيات المتعددة على اجتذاب المشاهد، وتهميش دور الصحافة المقروءة بفنونها كافة، بما في ذلك الموضوعات الثقافية والكتب”.
وفي هذا السياق دعا الأنصاري إلى” تنفيذ دراسة تحليلية أكاديمية لتحديد أهمية الدور الإعلامي الذي تؤديه الصفحات الثقافية في الصحف المحلية”، كاشفا عن
“عدم وجود إعلاميين متخصصين بالإعلام الثقافي، كما يحدث في الصحافة الغربية”. وتطرق الأنصاري في حديثه إلى” أهمية التواصل الأدبي مع رؤساء التحرير لأن توعيتهم الثقافية تحقق الارتقاء بالصفحة الثقافية، وذلك ضمن خطة ثقافية ستراتيجية على مستوى الكويت”.
كما أوضح “أن تراجع دور المعلم في تحفيز الطالب على القراءة عما كان سابقا أدى إلى انخفاض الاهتمام بالثقافة بعامة”.
الإعلامية أمل عبدالله أكدت “ضرورة اهتمام مالك الصحيفة بالثقافة حتى يساعد على تطورها وازدهارها من خلال ما ينشر في الصفحة الثقافية”، ولفتت إلى” ضرورة الاهتمام بنشر المنتج الثقافي الكويتي في صحفنا المحلية، سواء منها الإصدارات الجديدة أو إعادة نشر الأعمال الأدبية القديمة القيمة”.
الدكتور ياسين الياسين قال: “ان التركيز في بداية نشأة الصحافة كان منصبا على الاهتمام بالأدب والثقافة ومناقشة الإصدارات الجديدة هربا من الأخبار السياسية وتأثيراتها الشائكة، لكن الأمور تغيرت بمرور الزمن حين طغت السياسة على الصفحت الأدبية”.
واستطرد: “أن الصحف في الكويت تجسد ثقافة شعبية وليس ثقافة فكرية”. ودعا رابطة الأدباء” إلى تبني مشروع وطني لقيادة الفكر في المجتمع”.
أما خالد الأنصاري فقال: “ان المقالات العامة طغت على الصحافة المحلية، وسببت تراجع الاهتمام بالأدب”. فيما قال صالح المسباح: “ان عدد المجلات في الكويت منذ نشأتها حتى اليوم بلغ نحو ستة آلاف مجلة”.
من جانبها استعرضت الروائية جميلة سيد علي تجربتها الشخصية مع الصفحات الثقافية في الصحافة المحلية منذ بداية الألفية الثالثة مؤكدة أنها “تجربة إيجابية اذ أتيح لها من خلال المراسلة مع الصحف نشر جميع قصص مجموعتها القصصية الأولى في الصفحات الثقافية المختلفة إلى جانب نشر أشعارها أيضا. أما قصص مجموعتها الثانية في 2010 فقد حظيت بفرصة النشر في الصفحات الثقافية بمجرد إرسالها بالبريد الإلكتروني، وتوجهت سيد علي بالشكر للقيمين على الصفحات الثقافية ولجميع الصحف المحلية دون استثناء”.
وفي ختام الندوة دعا الدكتور الوقيان جميع الجمعيات الثقافية في الكويت، الأدبية والموسقية والتشكيلية والمسرحية وغيرها إلى مد جسور التعاون بينها وبين الصحافة الكويتية، بقسميها الورقي والالكتروني من جهة وإلى تكثيف جهودها الميدانية لخدمة الثقافة من جهة أخرى.
وفي هذا الشأن شدد الوقيان على ضرورة ان ترصد المطبوعات الحديثة في مجال الأدب بجميع فروعه والأعمال الموسيقية أو الفنية التشكيلية في الرسم والنحت وغيرها، وأن تصدر كل جهة ملخصا دوريا حول الأعمال الجديدة ينشر في المجلات والصحف المحلية”.


جريدة السياسة الرابط