مسرحية «مدينة بلا عقول» كانت بداية تعرفي على الكتابة المسرحية في سبعينات القرن الماضي، وهي للصديق الكاتب المسرحي الراحل سليمان الحزامي، حيث كنت أؤمن أن المسرحية تُشاهد ولا تُقرأ، هذه المسرحية كانت باللغة العربية الفصحى، حداثية التوجه وبتقنية تخالف السائد والمألوف.
رحل الكاتب والفنان سليمان الحزامي، بعد معاناة مع المرض، إذ بدأ يفقد بصره تدريجياً في السنوات الأخيرة، ولكنه لم ييأس ولم يسمح لذلك أن يعيق عمله، ولم ينقطع عن القراءة والكتابة، من خلال استئجار من يقرأ له ويملي عليه كتاباته، وظل حتى آخر رمق يرأس تحرير مجلة البيان، التي تصدرها رابطة الأدباء في الكويت، حيث كان يكتب افتتاحياتها، وقد كان دائم الحضور في ديوانية الرابطة، مناقشاً زملاءه في الشؤون الثقافية وهمومها.
والراحل الحزامي كان متعدد ومتنوع النشاطات الثقافية، فقد كان لديه برنامج إذاعي ثقافي باسم «همس القلم»، استضاف فيه العديد من الكتاب والفنانين والمثقفين، إضافة إلى البرامج الأخرى، وقدم مئات الحلقات الإذاعية، التي كانت مصدر إثراء للمستمعين والمهتمين، والقليل من الناس يعرفون أن له نشاطات في الترجمة، وقد ترجم إلى الإنكليزية عدداً من القصص الكويتية، كما عين مستشاراً لسلسلة ابداعات عالمية التي تصدر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، في بداية تأسيسها أواخر تسعينات القرن الماضي، كما كان له دور ملموس في المجال التربوي وبالأخص الفني، إذ عمل منذ بداية تخرجه في معهد المعلمين، مدرساً لمادة الموسيقى للمرحلة الابتدائية، وأكمل دراسة الليسانس في الأدب الإنكليزي من بريطانيا، وأخرج خلال حياته عدداً من التمثيليات والمسلسلات الإذاعية، إضافة إلى كتابة عدد من المسرحيات التي جمعها في الأعمال الكاملة، وكذلك قدم لعدد من البرامج الإذاعية، وكتب أيضاً بعض الأعمال القصصية.
كان سليمان الحزامي حسن السيرة والخلق، يحمل سمات الشخصية الاجتماعية، ودوداً ومتواضعاً ولم يرتفع أو ينعزل في برج عاجي، رغم أنه كان قامة ثقافية كبيرة، وبصمة ثقافية في تاريخ الثقافة بالكويت، كان غزيراً في انتاجه ومتعدداً في نشاطاته الثقافية.
كان يردد على مسامعي أن الموت اختيار ورغبة ذاتية، وكذلك هي الحياة، الموت اختار سليمان ولم يختره هو، رحم الله الأستاذ المسرحي والإذاعي والتربوي، الصديق سليمان الحزامي، الذي وضع اسمه بجهوده العديدة، في مصاف رواد الثقافة في الكويت.