1)
كَقلبِ مُتيّمٍ يَسْلو ويَنْسَى
فَيُبصِرُ في عُيونِ الدَّهْرِ مَرْسَى
يُلمْلِمُ مِنْ بَقاياهُ انْكِساراً
ويَرقبُهُ شُواظٌ فيهِ أقسَى
يُخبّئُ في شَرايينِ المَرايا
وُجوهاً عانقتْ في الطَّيفِ أَمْسَا
هُنا وَجْهي عَلى الجُدرانِ طِفلاً
هُنا عَزفي مَعَ الأشواقِ هَمْسا
هُنا ظلُّ الحِكايةِ والأَماني
هُنا التّرتيلُ إشراقاً وَقُدْسا
هُنا طيفٌ يَعودُ بِصوتِ أُمّي
يُعانِقُ في وَداعِ النَّبضِ رِمْسا
بِكَفَّيها تُلامِسُ ما تبَقَّى
عَلَى الوجناتِ منْ حُلمٍ تأسَّى
وتَبكي حِينَ تَبكي مِنْ حَنينٍ
أَتى صُبحاً بِفارِسِها وأَمْسى
حَنانَكِ إنَّ في وَجْهي يَقيناً
تَبدَّلَ مِنْ صُروفِ الدَّهرِ يَأسَا
خُذيني في حِقائِبكِ اللّواتي
كَموجِ البَحرِ أحْيتْ فيهِ عُرسا
وضُمّيني عَلى شَغَفٍ فَإنّي
حُروفٌ فيكِ قَدْ تُمحَى وتُنْسَى
(2)
سَيَكبُرُ هذا الحنينُ الجَميلْ
سَيكبرُ فينا، إِلينَا وَمِنّا
وَيَعبرُ شَوكًا إِلی المُستحيلْ
وَيجتازُ جَمراً، لِيكتبَ شِعرًا
ويجتازُ سَهلاً، لِيرسمَ بَدْرًا
ويجتازُ مَوجًا، لِيصعدَ بَحرًا
لِيقسمَ أنَّ المَسارَ الذي
تشتهيهُ العيونُ، طويلٌ طويلْ
أنا يا أنا، حينَ أَبكي الشَّجَنْ
فإنّي هُنا في ظِلالِ النَّخيل
وإنّي هُناكَ عَويلُ الصَّهيل
وإنّي بِدارِ الهَوی
قدْ صَنعتُ الحَزنْ
وذقتُ الوَهَنْ
وصرتُ المَنافي عَلى كُلّ مَنفی
وَصِرتُ الحَريقَ الذي كانَ غيما
وصِرتُ النَّدى والمَدى مُرْتَهنْ
وصرت الكتابَ الذي دونَ سَطرٍ
وَصرتُ الحروفَ التي دونَ حِبرٍ
وصرتُ الكَفنْ
وصرتُ الشَّتاتَ الجديدَ الكئيبْ
وخيبةَ قلبٍ بِسفحِ الكُروبْ
وَصِرتُ المَنافي وأنتَ الوَطنْ
**********
(3)
الشّوقُ رُبّانُ الحَنينِ إلى المَدى
" يامالُ " شدوٍ وابتهالاتُ الحبالِ على شفاهِ "النُّوخذا"
هيهاتَ لو تدري الدّروبُ عن اشتعالاتِ النّدى
فاللؤلؤُ المنثورُ في كفِّ الوداعِ وفي تلاويح المدينة
والعاشقُ المأسورُ في الدّمعِ الحزينه
ها قدْ رجعتُ من الغيابِ إلى الغيابِ
كأمسِ يشتاقُ الغدا
ما ضرّ هذا القلب لو أرخى شراعَ الشَّوقِ فينا وابتدى
وهو ابتداءاتُ الهُبوبِ ، أنا ارتهاناتُ الصّدى
وأنا المسافرُ في الغيابِ وفي ارتحالات القصيدةِ
يومَ أنْ غيلتْ بأثوابِ الرَّدى
***
الصمّتُ نايُ الموتِ يجتاحُ القوافي ،
نادى إلى الغزوِ المُقدّسَ في الفيافي
والشَّوكُ رُبّانُ الدُّروبِ على خطا تلك السّنين
يا أيّها البوحُ المُعتّق في متاهات السّفينْ
وأنا الحزينُ على الدّوامِ أنوحُ في اليمّ القديمْ
وأنا الأنينُ إذا سمعتَ البوحَ في موجِ الأنينْ
×××
أصْدافُ شِعري فَوق رَمْلِكْ
والحرفُ قيثارُ الإيابِ يُسابقُ الدّنيا لوَصلِكْ
والذّكرياتُ على الأصابعِ في المياهِ مُبلّله
ألقتْ قميصَ الأمسياتِ فعدتُ أبصرُها بِحُبّكْ
يا أيّها البحرُ المفدى للقلوبِ أتيتُ فيكَ مُهروِلا
أنتَ اخضراري حين يَغزوني الجرادْ
أنت اشتعالي حينَ يحضرني الرّمادْ
***
هذي التَّرانيم المطلة في غنائي
والنَّورسُ الغافي على الميناءِ
والموجةُ الزرقاءُ حينَ استوقفتني في الشواطئ ترتجي مني ردائي
هل تذكراني ؟
هل تذكراني والرياحُ تُهيء الأشواقَ لي زاداً على دربِ المحنْ
قالتْ رأيتكَ فوق قيثاري شَجنْ
والغزو يجتاح القوافي والمُدنْ
وأنا أقولُ لها وطنْ
وَطنٌ وَطنْ .. وَطنٌ وَطنْ!!
يأ أنتِ ما اخترتِ إلاّ البومَ عنواناً لأشواق القصيدةِ مُؤتمنْ؟
والبومُ قافيةُ الفراقِ ، وحُزنها المسفوح في سَطر الحَزنْ
***
البحرُ : موسيقى الصَّهيل على الخيولِ المُتعَبه
سأعيدُ ترتيبَ الحنينِ على فراقٍ أتعبه
وأنا على وجهِ المدى عُمرٌ يُعانق مَركبه
ما غالني زمنُ الشروقُ لكي أُعانقَ مَغرِبه
والشّعرُ أصْدقه حنينٌ كالنّدى
فاسأله عن حَرفِ الرّدى ما أكذبه
إنّي وحرفُ الحتفِ في لغة احتضاري المُرعبه
سأعودُ بالشطآنِ مختالاً
وشعري في المَدى ضوءٌ يُعانقُ كَوكبَه
****